صدى الذكريات الحلقة الثانية

 بقلم : صالح إبراهيم أنجابا

 

مرت تقريباً اربعون عاماً ولم ينسى اعضاء الفرقة الوطنية لجبهة التحرير الإرترية  الذين تشتتوا على وجه البسيطة وعلى رأسهم : –

عبد القادر ميكال (ابن مدينته)

mekal

  ابرار عثمان

بلاى ودى بعلوم

 ايوب هيلى

محمد شعبى

محمد احمد

 صهيتو براخى

 بريخت منقستأب

 مريم فكرى

 ارهيت عبد الله

 محريت زرايهنس

 الراحلة المقيمة جمعية على نور زوجة الشاعر محمد مدنى الله يرحمها ويغفر لها ويدخلها الفردوس الأعلى.

 فاطمة شفى

الشهيدة سعدية التى استشهدت فى تسنى بالقرب من نمرة 8 فى عام          1978اثر قصف للطيران الإثيوبى

  الشهيدة الم مسفن

 والعازفون فوأد عبده فى الجيتار ومعه جورج غلاتا

 وبرخيت بينى وفى الترامب

 كفلوم ودى فانا فى الترامبيت

 وحدقو فى الساكسفون

 بالإضافة لمدير الفرقة مقدم البرامج بالتقرينية نقوسى منسعاى

ومقدم البرامج  بالعربية   الشاعر   والمناضل   محمد مدنى

 firka0

الحلقة الثانية

كالعادة كان  جالساً فى بيته المتواضع امام الكمبيُوتر الساحر، فتح الشبكة العنكبوتية ليقرأ ويتصفح الجديد المثير عن ارتريا وشعبها بعد الإستغلال وليس الإستقلال. عرج قليلاً الى كميرة عونا  وطفق   يشاهد  فيديو تلو الفديو   حتى  ركزت عيناه على  لقطةٍ  لإرترى لا   يعرفه   ينشد :                         

   صامـــدون  ما ركعــنا      

يوماً    ولن   نركــــع     

 سائرون  على   الدرب

 اقسمنا    بأن  نرجــع

ويردد خلفه مجموعة من الصناديد  النشيد باصوات عذبة.

 كانت نبرات  صوته  تفوح   عطراً   وطنياً   يتحدى    الطغيان ،   وفيه   عزة الإرترى الذى لايركع للذل ، ونغمة الصمود ، والعزيمة التى لا  تلين ضد  الذين أهدروا    كرامة    الشعب   الإرترى,   ونسفوا    كل    الأحلام  أصابه  الإجهاش ،

و أدمعت عيناه ،حتى هطلت سحابة سمينة  بالذكريات أعادته  الى أُم النضال   جبهة التحريرالإرتريه ، وفى تلك اللحظة   جاءت  إبنته روان ذات الأربع خريف   لتمسح دمعة براقة من اهداب عينيه ببرائة طفوليه فضية تشبه لون جلدها الإرترى مرسومة   فى  وجهها   المبهر, والساحر هزت كيانه وسئلته   هامسة: 

( ابى هل  تذّكرت   فُقدان   جدِّى  وأخويك   ؟ )

 أُجلسها على ركبتيه، وقال  بصوت   جمع   فيه    شجاعته    للخروج  من    دائرة ذبذبات   النبرة  الحزينة   قائلاً:

( تذكرتُ أحداث كبيرة ، فقدَ فيها الشعب الإرترى قلعة  النضال   , وشمس    العطاء والكفاح الطويل جبهة التحرير الإرترية ) .  لم    تتذوق    سر هذا الشجن , ولم تفهم مكنون الرد المبهم بالنسبة لها، وواصل بعد  برهة من الصمت  (ابنتى  سوف  يشتد  عودك ، وتفهمى   تاريخ   نضالنا    الذاخر بالتضحيات.)

عادت به الذاكرة الى الوراء الى 1982م الذى لم يكن  ككل الأعوام   ,لأن فى ذلك التاريخ اسدل الستار على مسرح الجبهة, بعد  ان   غنى    ابرار   عثمان عملاق الفن الإرترى اخر معزوفة  جنا ئزية  وُدِّعَ   بها    جثمان الجبهة الذى طُهِّر 1بمياه القاش  الى  مثواه الأخير باغنيتهِ الخالدة :

هدمونا        هدمونا

(بيتنا            بيتنا)

   

هذه الأغنية عندما سمعها فى ذلك التاريخ الذى غرز مخالبه فى قلبٍ  غضٍ   نضير عشق ارتريا  وشعبها   بكى   بكاءاً   مُراً,  بالرغم   من   هشاشة    عظمه وصغر سِنهِ , لأنه لم يصدق ما حدث, اذا  كان  حقيقة, ام  خيال,   ام حلم من احلام اليقظة .

فى  يوم   افول   نجم   الجبهة   تلبدت  السماء     بالغيوم   السوداء  ,    وذرفت  بحرقة  ,وحلقت ونعبت الغربان فى فضاء القضارف  ,  لتنذر  الإرتريون  ان القادم سيكون فيه كوارث تحمل سيوف  تمزق  كياناتهم    الى  قطع , وسيول تدمر احلام الإستقلال  , ولكن    معظمهم ,   لم    يكونوا   نافذى    البصيرة, وثاقبى   النظرة . البعض رقص  ودار  فى  فلك  تنظيم   تأمر مع ويانى(جبهة تحرير تقراى)  , حتى  تسنى  له  القبض على مقاليد الحكم , وتسنى له اعدام  احلام الشعب الذى    ناضل    ثلاثون ربيعا على المصقلة.

firka1

 

  صامدون ماركعنا يوماً ولن نركع

  هذا النشيد هزَّ كيانه واعاده الى محطات هزائم , وانتصارات ,   وملاحم    لأبطال التحرير.

هذا النشيد ذكره بالشهيد عمر جابر رحمه الله المناضل حتى اخر رمق  فى   حياته .

هذا النشيد فجر فى اوردته تيار صاعق و جارف من ذكريات تلمع كالبرق بين الفينة والفينة, وبقبق  فى قِدر عقله  صوت  الفرقة  الوطنية    لجبهة   التحرير  الإرترية منبت جذور الحس  الوطنى،  ومبلورت  الشخصية الإرترية  الفريدة   من    نوعها .

 زار القنديل الإعلامى    القضارف  مرتان    الأولى   فى    عام  1977م   و كانت المناسبة فى السينما الوطنية التى تقع بالقرب من دكان   اولاد الوكيل ومطعم حسين على ناصر اليمنى   رحمه الله   والثانية  1979م وكانت فى سينما كيكوس التى تقع  بالقرب من خط القطار, وجاء معها ابنها الذى ترعرع فى حوارى ديم النور الفنان عبد القادر ميكال .أُسْتُقْبِل هذا الفتى المنغمس فى حب بلده بشوق وفخر واعتزاز, لانه ابن مدينتهم, ولأنه ضحى  بمستقبله الدراسى من اجل عيون ارتريا و تغنى    وابدع  بصوته   العذب   منشداً:-

اصرار ثائرون فى طريق الحرية

اتحاد قوى   وطنية   ديمقراطية

كان عبد القادر  يجوب على متن عربة الإعلام فى كل   احياء  القضارف ملوحاً يداه  للمصطفين الذين يرمونه  بقبلات  الود   والإحترام   ومبتسماً  بالرغم   من   ويلات الخراب الذى عم الوطن.

 (شكراً قدورة الشاعر والفنان لن ننساك يا ابن قضروف سعد)  

      تمت الزيارتان بعد ان تطهرت  مدينة  الخير  بمياه  الأمطار ولبست ثوباً  اخضر    يتلألأ   بنشوة  الحياة  استقبالاً   للفرقة    القادمة  لأول   مرة

 

 ( الى اغوردات السودان). حضورها كان له تأثير قوى  حرك    براكين   الحماس.     

 تعطرت المدينة بعطور صنعت خصيصاً لها فى   حلحل ,    واغوردات  , واسمرا, وصنعفى, وعدى قيح, ومصوع والخ… , حتى تضوعت بمناخ  ارترى يبعث   فى

 النفس مشاعر دفاقة, من الأخاء والتشبث بالجذور .

 فى حملات الدعاية للحضور الى الكرنفال الإرترى كان   الأطفال  يركضون     وراء عربة الاعلام التى عُلِق  على  سقفها   الميكرفون   ليغرد  كعصفور صنعه   الإنسان بالأناشيد الوطنية,  حتى  بث  فى الأجواء  حرارة   نضالية     متصاعدة  ،  وادخلها  فى القلوب, حتى  اعادت  ماضٍ   حزين ،    وذكريات   وطن مسلوب٠

جدته رحمها الله  المقيمة فى السودان قبل  استقلاله  بكت   كالطفلة    لما حسته

 من فراق الأهل, والحنين الى ارض الأجداد.

يعلن المُذيع بصوت شجى ونبرات صوته تنشر فخراً  إرتريا 

 … فى هذه الأُمسية الوطنية

 سوف تُعْزف ملاحم إرتريه فى السينما الوطنيه

 نحن فى إنتظاركم

 ويصمت بُرهة لينبعث نشيد وطنى بصوت الثائر حسين محمد على اطال الله فى عمره :

 ثُرنا من أجل مصلحة الملايين

 ثُرنا من أجل  كُـــل  الكادحيين

 والأطفال يردِدُون النشيد بكل حماس وحيوية. ويبدأ الكَرَّة مرة ثانية مُعلناً بالتقرنييه :-

 اليوم فى   السينما  الوطنية

 فِرقة جبهة التحريرالإرتريه

، سوف تُحىِّ الفولكلور الإرترى

 ، وتَعْزِف ترياق الكبرياء والفخر   للوطن   الجريح    الذى    يحتاج منا الصمود ،والتضحيات الجسام ,لكى  يتحرر  من    براثن    الإستعمار.

يتوقف  المذيع لعدة دقائِق وينبعث نشيد آخر بالتقرنييه :

 طلائِع الغد ، نعم انتم طلائِع الغد

 استعِدوا       فى     اماكِنكُم

 للنضال  من    أجل    الحُرية

 ،،، وهكذا العربه تجوب الأحياء ، وَتُسْمِع الأناشيد  الحماسيه  بالتقرى ، والساهو، والنارا ، والعفرية والخ٠٠٠٠٠

 هذه الأجواء البهيجة التى حيت القلوب  الهامدة , وانبتت حس   من  انهار  الشوق والحنين ذَكَرتهُ اناس  سكنوا فى قلب الأحداث بمواقفهم   الشجاعة, وايمانهم  القاطع بعدالة القضية الإرترية, التى ولجت فى وجدانهم  فصارو ا كاشجار  اللبخ   يستريح تحت  ظلها رواد النضال, ناشرةً  الروائح   الذكية  من   ازهارها  , حتى     ينتعش     ابناء   القرن الإفريقى  بروح االفداء , وبالرغم  من    مرور   سنين   طويلة   حفظ     مكانتهم  فى    ذاكرته , منهم    مُحى الدين عوض أبوعاقلة  يتغمده  الله   بالغفران والرحمة .

غادر الدُنيا الفانية   فى   مدينة اتلانتا بأمريكا ، كان  سودانياً   عركياً أصيل  المنبت  من مدينة    ود مدنى    حى   الدباغة .

عشق محى الدين  إرتريا,  واحب الإرتريون  لدرجة  انه  التحق  بالميدان متطوعاً فى كل اجازاته الجامعية , وايضا   رقصت   خلايا  دماغه  مرحا  حينما  ظهر  فى   عدسة عيناه   صورة  محمد  ابكر  السودانى     الرسام و الفنان التشكيلى, صاحب  دار للفنون بالقرب من  فندق سيتيت  وعامر  التى كانت  قِبْلة     لاعضاء   الفرقة    الوطنية   والنشطاء   الإرتريين ,  والبنيات الجميلات المخلوطات بالجمال العربى الإفريقى  .

( لم ننساك يا محمد ابكر ان  كنت حياً الله يطول فى عمرك  واذا غادرت

 د نيا نا  فندعو لك بالمغفرة والرحمة )

 كان مقره يكتظ بالقادمين مساءاً   ليدردشوا   ويسمعوا   اخبار  المعارك ويرتشفوا قهوة ارترية تجد د النشاط,  قبل  اُمسية  الحفلة التى  لها عبق نفَّاذ ممزُوُج بِحُبِّ عروس البحر الأحمر.

 فى ليلة المهرجان المبهر يكتظ السوق   بالشباب ،والشيوخ ،   والنساء ، والأطفال الخارجين    من  المخابئ ،والحوارى ، والأذِقة, والقادمين من كل فجٍ عميق  بعضهم على ارجلهم, وبعضهم ركبوا اللوارى والبصات من حى الثورة , والميدان   وروينا, وكررى, ودار السلام,وديم النور, والرابعة و من الضواحى.

firka2

فى هذه الأُمسية كل شئ ارترى صرف , حتى بعوض القضارف المشهور اضرب عن اللسع , وطوع طنينه مرحباً  بقدوم  شعبنا   المقدام ,   والضفادع   تدربت   واتقنت المعزوفات الإرترية قبل قدوم الفرقة الوطنية لتشارك   فى العزف الكبير  بلغة البلين والساهو, والعفر, والتقرينية, والنارا, والكناما, والبداويت , والتقرى. النسيم   تمايل  مع كل الرقصات الإرترية  ونشر اريج الإرتريون  بين ثنايا  اليل حتى  وصل   بيوت السودانيون دون اذن ليخبرهم بيوم الفرح الرائع  .  الطبيعة   انسجمت   ومدت   يد  السلام  والطُمانينة , البدر خرج من سرادق الغيوم رافعاً  ذراعيه   استقبالا  ً للجمع الغفيروعاكساً وجوههم الجميلة فى مرايا سماء المدينة.

  الكل متلهف ، ومتشوق ، والأزياء   الإرترية   تزيد   القضارف   بهرجة   وجمال  قادم من المنخفضات والمرتفعات والبحر الأحمر٠

المدينة  يخطفها  السهر فى حضنه  الدافئ  بعد أن كانت   تنام     مُبَكِرة وتتجمل ،  وتتزين   ، وتتلحف  العلم  الإرترى   الازرق   كلون   سمائها   , وتتجهز   كأنها

 عروس تُزف الى  إرتريا.

عِناق الأصدقاء ،والأقارب والغرباء يُحى  المشاعر  الوطنيه   الصادِقه    ,ويقوى

 احساس التعلق بالأرض.

فى هذه المناسبة  قلوب الأفراد تتجسد  فى قلب ارتريا. لا مكان   للقومية   , ولا للمرتفعات, او المنخفضات, ولا للدين بل الهم, والشعور, والاحساس,    والإنتماء ارترى محض, وهذا  بفعل   تميمة الفرقة الوطنية التى   عُلقت على  جيد   الأمة الإرترية.

 فى داخِل السينما الوطنية  الكل مُنبهِر ،وينتظر  صُفارة   البدايه ،  خروج ودخول العازفين لضبط الإيقاع  والالات  المُوسيقيه  مُلفِت   للنظر،  ويُدخِل   البهجة   فى

 النفوس ، مُقدِمات ومُشهيات الحفل تبدأ بعزف مقاطع   موسيقيه   وطنية   للفنان

 الأمين عبدالطيف ،وعثمان عبد الرحيم، وظاهيتُو،وبريخت . كان   يجلس   بالقُرب  من   خشبة  المسرح ,  تنتفخ   ,  وتتمدد   اذناه الصغيرتان    بمهارات    سمعية   بارعة   تستلذ   بالأنغام  , التى  تنحت  فى   تجاويفها تضاريس موسيقية  وطنية

 ارترية. دقات  قلبه فى كل   دقة  تقول   احبك   يا وطن    الشُهداء ,    والابطال

، وعقله يُبدع فى رسم  لوحة فنيه  ساحرة ممزوجه بالوان طيف إرتريا الشامخ٠ 

فى هذا العُرس الوطنى ذكرياته ترتكز فى ثلاثة مشاهد:ــــ

 المشهد الاول :ـــ

 يأتى الأديب والشاعر الفذ مُقدِم  الحفل محمد مدنى ويتبعه مقدم  التقرينية   نقوسى منسعاى متعهما الله بالصحة الى خشبة المسرح وخلفهما صفان من اعضاء الفرقة .  ظهورهما  يملأ  السينما   زعيق, وزغاريد, وصفافير, وصريخ.  يطلبان   بصوتان   دافئان لامعان بوهجٍ   وطنى    يتردد   صداهما   عبر    القاعة ,  من    الجمهور الوقوف   دقيقة   تقديراً   وعرفاناً   لأرواح الشهداء التى مازالت تحلق فى  سماء ارتريا فيقف الجمهور واعضاء الفرقة . يخيم الوجوم على السينما كانها  تعرت من اى انسٍ او جِنٍ, وحتى الرياح توقفت عن العواء وصمتت من اجل  شهداء   التحرير وضحايا الحرب.  يطلبان  باللغتين  الرسميتين  من    الجماهير    الجلوس  وبعدها  يعودان  الى     خلف المسرح ويعود خلفهما الفنانون  .تعود  الضجة  والجلبة  الى المكان.

المشهد الثانى:-   

يحضر الى   المنصة  الشاعر  محمد  مدنى   بطوله  الفارع   , وجسمه  الرشيق مبتسماً ,لابساً قبعة وبنطال وقميص الوانهما كاكية  ونعال  اسمه  الشِّدة   يرتديه المقاتلون فى ساحات   القتال , ينطق   دُرراً  من   الأشعار الوطنية ،   والكلمات، والرسائِل   الحماسيه ,التى  تُحِرك شعور الإرترى  الدفين  ٠كان   الكُل    يترقب   قدومه   بين   الفواصل   ,    ويتشوق    لسماع   صوته    الجهور    وحضوره    القوى٠ ِ   يا لها  من   مواقف      جميلة  تخللت   دورته   الدموية ،  وإفترشت مخيلته   لحافاً  من  الذكرياتً.

يتبع فى التقديم بالتقرينيه نقوسى منسعاى ,المفوه,   والخطيب   والكوميدى  , الذى يضحك الجمهور بنكات كان لا يفهمها   فى  ذلك   الوقت    ,  ولكن يشارك الحضور السرور ,  ويتذوق     المرح   بشهية  العارف ,   والمتمكن   من    لغة  التقرينية .       

(نبلغ الأديب والشاعرالعبقرى  محمد مدنى  انه  فى   وجداننا،   وعقولنا،   وسيظل   عملاقاً،  وشاعراً  يُرهف الأحاسيس ،وفناناً يصُوغ الكلمات فى أبهى صورها٠إن شاء الله سوف تعود لُغةُ الضاد الى أرترية   الديمقراطيه والمُساواه  ونحتفى  بك    مُعززاً مكرماً ، بين بقية أُدبائنا ، وعلى رأسهم شاعر    الثورة  الراحل    المقيم    وفارس  الكلمة  المؤُثره    محمد  عثمان  كجراى٠ ، وكذلك   شاعر  الهويه  وصاحب الكلمة المناضله الراحل احمد سعد ,وكل   العقد    الفريد    من    رفاقهم     ,يستحقوا  منا التكريم) .

المشهد الثالث:-

يحضر مجموعة من اعضاء الفرقة, ويقفون فى صفٍ واحد تتوحد  فيهم   المشاعر وحتى المظهر (قبعة وبناطيل وقمصان كاكية اللون مع نعال الشِّدة المشهور فى الميدان) اما الفنانات يختلفن من الرجال بالشعر الفاحم    الذى     يضاهى    ليل  المنخفضات المظلم و الكثيف المرفوع الى  اعلى   كانه يرمز الى مرتفعات ارتريا الجميلة (  الأفرو) .كلهم يراوحون بارجلهم الى اعلى وا سفل ضاربين خشبة المسرح وينشدون بصوت مفعم   بحب    الأرض   نشيد بالتقرينية :

كاب سسان حادى

 ثورانا      اويجا

ظالئى     كدرعم

 (منذ الحادى والستين

 ثورتنا       انطلقت

لتحطم    الأعداء)

الأداء يكهرب جو المسرح والصمت يخيم على المكان. يحرك الجمع ارجلهم  فى تناسق رهيب طارقاً  قلوب  وضمائر  الجمهور.   

 

٠المشهد الرابع :ــ

 قدوم الفنان حسين محمد على  يُزلزِّل السينما صراخاً   وزعيقا  ً لصوته المؤُثر ووجهه البشوش والذى ما زال صامداً ورافضاً ذُل نظام العنصرية والإقصاء٠

السينما كلها تردد معه نشيد :

جلاب   عباى  ارتريا

عاصمتا      اسمرا

اقل   نموت   ونقتل

وناكل  ظمى  وسفرى

 

(من اجل   ارتريا

عاصمتها   اسمرى

سوف  نموت  ونقاتل

ونتحمل العطش والجوع)

 

وينشد فى الفواصل الأخرى:

 

ثرنا من اجل مصلحة الملايين

ثرنا    من   اجل   الكادحين

واعلناها ثورة فى الواحد وستين

 

 شُكراً للمناضل الجسورتوتيل   فك  الله     اسره ،الذى  صاغ    انشودة     ستظل رمزاً لنضالنا الطويل، والتى  ابدع    فى     اداءِها ،     فنان الثورة      بجدارة

 حسين محمد على لتدخل     افئِدة     الإرتريين.

المشهد الرابع

حضور الفنان ايوب هيلى بشعره المجعد والمجدُول فى شكل حبال طويلة ًمما جعله بوب مارلى ارتريا. كان  كوميدياً فى طريقة ادائه   , وبهلوانيا   فى الرقص وماهرا فى عزف (الجرواتا) الناى لإرترى مما جعل  الحاضرون يقذفون   ضحكات  صافية   تتوهج  ,  وتتراقص  متماهية  مع   اسلوبه   المسلى و المبطن بشحنات وطنية. مشاهد كثيرة لها وقع لا ينسى تخللت الحفلة بحضور   ودبعلوم    مغنى   نشيد

قميلى   قميلى

اذيا طعمت شما

وحضور ابرار عثمان حين تغنى بالساهو

ندق     ارتريا

 ندق      ارتريا

 ولا يمكن نسيان اشبال الثورة الذين انشدوا

ظبح              ظبح

اوى نسخا    ايخا ظبح

ومشاهد كثيرة لونت اللوحة الفنية الرائعة وزادت الحفلة رونق وبهاء. 

المشهد الخامس  والأخير

حضر الى حلبةِ المسرح مجموعة من  الفنانين،  ينشدون   نشيد   ذكرى    الشهداء بصوت قوى ، وحزين يستمع وهو  جالس بالقرب , من    خشبة  المسرح  مُتفحِصاً وجوه الفنانون ، ويُلاحظ   أبرار عثمان   البُلبُل  الصداح ،   والموسيقار،   والملحن البارع الذى ادخل ثورة تغيير، وتجديد  فى الأُغنية الساهويه ، والتقرنياويه على  حدٍ سواء تهمع عيناه وتسيل منها   دموعاً تقديراً لشهدائِنا منذ خمسينات القرن الماضى ويتلفت يميناً ويساراً ويسمع نحيباً   صادقا يخرج من ضلوع الرجال , ويرى   عيوناً  تغرف  دموعها من معارك البطولات  التى عزفها شهداء الثورة.   السينما    يغلفها    الحزن والصمت   وتقف   على ارجلها  حانية رأسها  الى  اسفل   احتراماً    للدماء التى  سقت تراب الوطن  و مواسية  الإرتريون   فى  فجائعهم.

 

بعد نهاية المناسبة المؤثرة كان قلبه ولسانه يردد التحية, لكل من  ضحى واعطى ولم يبخل, وتحية خاصة لأعضاء الفرقة الوطنية  لتحرير  ارتريا ويردد  المجد    والخلود لشهداء التحرير.

تنتهى الحفلة ولكن تنمو فى القلب دوحة وطن تتمايل اغصانها   واوراقها   النضيرة ناقرة على جدرانه, وينمو فى الذاكرة خضلاً يتوهج بحب   التراب     الطاهر,  الذى خُضِّب  بدماء  الشهداء . طعم   الحدث    له  مذاق   خاص   والمشهد   لا   يبارح   العقل ,  واللسان   مازال   يهلل  بذكرى  الفرقة  الوطنية .

 مضت  سنون   ومازالت  المشاعر  الوطنية,  التى    غرستها   الفرقة  تموج   فى شرايينه ومازال تلاطم امواج المناسبة تحدث هديراً فى  اذنيه  كأنها تحدث الان فى هذه اللحظة وفى هذه الثانية.

 هاهى الذكريات الجميلة صداها  له مفعول  سحرى  حين تكون مؤثرة.

(قبل ان اختم هذه الحلقة اريد ان اشكر ابن مدينتى الشاعروالفنان عبد القادر ميكال الذى مدنى بالمعلومات ولم يبخل على بالصور)

 بإذن الله لنا لقاء فى الحلقة القادمة 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38120

نشرت بواسطة في نوفمبر 15 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

2 تعليقات لـ “صدى الذكريات الحلقة الثانية”

  1. محمود محمد عمر

    حزيث ذو شجون استاذنا انجابا تلكم الايام الخالدات من صفحات الناضل الغير مطوية ولن تمحى من زاكرتي في حينا بالسجانة في الزقاق الخلفي كان ربما مكتب او استراحة غير مكتب الليق المعروف بصحبة عمنا صالح كانت تتردد الفرقة الوطنية ل ج ت ا و لكن بعض الاغاني التي كانت ترددها الشفاه وعلمت لاحفا هي مبدعي الغرقة الوطنية لجبهة و هي زكريات ذاد شجون لن ينض تبد من مخيلة زاكرة ادب رائدة الثورة اجيال متوالي من اغاني الحماسة و هي دندن الشعب الارتري حتى لو كانت عاطفية لابد الوصف اقرب استدعى الوطن فيه ….. اغاني لن تمحى من الراكرة الجماعية و هي سعب ارتريا صبر وديه. لمطرب الثورة حسين محمد علي و رائعة ايوب هيلى دوبنا بدمنا و لايخون سدري و اغنية قرب ايا ليتوم كزالك حتى لا ننسى الراىع محمود عانقيه ميا كني شباب ارتريا مرح مليح و القائم تطول محمود احمد حتي الجيل الاشبال و على راسهم عمر و فرقة تحدثو ما فبل التحرير شكرا جميلا استاذنا انجابا و ختم ببت شعار الثورة الارترية محمد عثمان كجراي ما عدا كفاحك يا وطني صفحات نضال مطوية …… نعم هشيم الباطل لن يبقى ستزيله الرياح الثورية

  2. ثرنا من أجل من مصلحة الملايين .
    ثرنا من أجل كل الكادحين ..
    سيظل صداها فى وجدان الأجيال الأرترية جيلاً بعد جيل .
    تقبل الله شهداء مسيرتنا وأطال الله أعمار من بقوا قابضين على جمر القضية ..
    شكرا شاعرنا الشفيف أنجابا على التصوير الدقيق لماضى النضال العريق .. وهى مشاهد كثيراً ما تكررت فى معسكرات اللجوء وهى ذات المشاهد التى غرست فينا الوطنية فى وطنا لم نعش فيه ولم نستظل تحت سمائه .
    شكرا شكرا لك وشكرا لموقع فرجت

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010