طائفية هوجاء (2) ..!!

محمد آدم

بلغنى مؤخرا؛ ان المدعو تسفاطيون إختلس مبلغا من المال؛ قدره مائة واربعة الاف جنيه استرلينى؛ تخص هيئة اغاثة انسانية . وقُدّمتْ ضده تهمة الإختلاس المالى؛ وبناءا عليه سيقَ الى جهة التحقيق الجنائى؛ وقد يصدر بحقه قريبا حكم الإدانة القضائية؛ وبموجب الحكم قد يُزَج به فى السجن؛ ليقضى فيه عقوبته العادلة .. والظاهر ان الرجل فاسد فى ذمته المالية؛ علاوة الى فساد عقيدته الفكرية الخطيرة ..!!

الإختلاس المالى جريمة جنائية يُعاقبُ عليها القانون عقابا عادلا؛ ولا يُنْظرُ الى مكانة الجاني الإجتماعية؛ ومن وجهة العدالة لا يُسْأل ان كان الجانى نكرة ام معرفة؛ و” نكرته ” لا تًشْفعُ له من توجيه التهمة اليه، وسَوْقه الى ساحة العدالة، والإقتصاص منه جراء فعلته الجنائية النكراء . وجريمة الإختلاس المالى؛ أقل ضررا بكل المعايير من جريمة فكرة عنصرية طائفية بغيضة؛ تنطوى على دعوة حرب اهلية ذات طابع طائفي محض، والتحريض العلنى الى ابادة الجنس البشرى، ومحو دولة قائمة على توافق سكانها؛ واستبدالها بدولة عنصرية نقية لقومية التجرينية؛ بعد إستئصال سكان إرتريا من الاثنيات الاخرى؛ وطرد المسلمين كافة الى شرق السودان .. فالرجل الذى سيقَ الى التحقيق الجنائى بإختلاسه اموال الاغاثة؛ حرى به ان تفضح فكرته العنصرية الفاسدة؛ ونعريه بالإجماع؛ لجنوحه الى ارتكاب جريمة الابادة البشرية؛ بناءا على فكرته العنصرية الطائفية الفاسدة ..!!

على طريقة دفن الرؤوس فى الرمال كالنعامة؛ فضل بعض الناس النأي بانفسهم؛ بتجاهل احاديث تسفاطيون ودعواته الطائفية المتكررة فى برنامج تلفزيونى   (Agaiazian.tv)يبث اسبوعيا على الاقل؛ وهؤلاء نراهم يدبجون المقالات الطويلة فى ذم وادانة بعض الفئات الشاكية من وطأة المظالم الواقعة عليها؛ ولايتركون شتيمة الَّا والصقوها بهؤلاء الضحايا الذين تجرؤوا بالشكوى والانين من ضربات المطارق الحامية التى تنهال على رؤوسهم يوميا .. ونفر اخر مهتز عقليا تشابهت عليه الالوان؛ وعاد يستنكر بشدة التعليق على عنصرية الرجل وطائفيته البغيضة؛ بحجة ان الرجل  ” نكرة ” ولا يستحق التعليق عليه؛ وهو ليس بنكرة؛ إنه معرفة تماما يراه الناس بكامل هيأته فى الشاشات الإلكترونية، ويستمعون اليه يرغى فى بث تلفزيونى مستمر وبانتظام مبرمج .. والأسوأ من حجة نكرة المدعو الباهتة؛ يرى صاحبنا الحريص على الوحدة الوطنية؛ ان اتهام تسفاطيون النكرة بالطائفية تتعدى الى اتهام قومه بذات التهمة ..!!

عجيب امر صاحبنا المسكين؛ من قال ان وزر مجرم فاسد تزر اهله الابرياء .. وكيف يساوينا برجل يدعو علنا الى إبادة شعب بكامله واستجلاب شعب اخر من تجراى لإقامة دولة عنصرية بعد طرد المسلمين الى شرق السودان؛ لمجرد اننا فضحنا عنصرية الرجل، وعرينا نواياه الشريرة .. !!

الفهم قسمة .. ونحن قد فهمنا مغزي استنكار صاحبنا واحتجاجه؛ أنه ما يهمه من الأمر كله أن لايخدش شعور قوم ينتمى اليهم الطائفى الذميم : تسفاطيون ..!!

يا رب العباد .. متى كانت الشكوى جريمة .. ومتى كان الذئب والحمل من فصيلة واحدة ..  فعلا اخينا يعانى اضطرابا ذهنيا؛ فعاد يخلط بين طائفى مجرم؛ وبين قومية نكن لها كل الإحترام والتقدير .. وبينه وبين مجموعات اثنية او دينية تعانى التهميش والتهجير وتنادى بالعدالة بحدها الادنى .. هؤلاء لهم حق الشكوى،  ولهم حق تنظيم انفسهم بما يرنه مناسبا لهم لاسترداد حقوقهم المسلوبة .. وأما تسفاطيون فليس له حق ابادة شعب بكاملة ..؟!!

لاتهمنى كثيرا مكانة تسفاطيون الإجتماعية، ولا شهرته؛ هل هو نكرة ام معرفة؛ وهو بالتأكيد معرفة تامة؛ يعرض أفكاره، ونواياه الشريرة بالصوت والصورة للناس كافة وعلى رؤوس الاشهاد .. ويتوعد بإبادتنا، وازالة دولتنا؛ وإقامة دولته العنصرية .. ما يقلقنى؛ هو ما يروج له من فكرة عنصرية قاتلة وليست نكرته أو معرفته؛  وفكرته ليست حديثة؛ ولدت اليوم من بنات افكاره ..  ولم تعد سرا حبيسا فى مخيلته؛ لنتجاهلها؛ بعد ان اطلقها فى وسائل اعلام مرئية ومسموعة، وأخذ يلاحقها بالترويج المبرمج .. !!

فكرة الابادة الطائفية قديمة وراسخة فى عقلية بعض المرضى . ومنبعها من تجراى وإثيوبيا عموما؛ فقد سبقه جده يوهنس؛ الذى أصدر قبل مائتى عام فرمانا يقضى باجبار سكان المنطقة الى تحويل عقيدتهم الدينية كرها الى عقيدته الارتدوكسية .. وبناءا على فرمانه المشؤوم شن حرب ابادة طائفية شاملة؛ فكم ازهق من الارواح البريئة؛ قتلا وحرقا .. وكم شرد من الناس من ديارهم هربا بدينهم ..!!

تأريخ مذبحة يوهنس الطائفية حدث مأساوى قريب لم يجف دم ضحاياه .. وشبحه يطارد وعينا وترانا نقف بالمرصاد لمقاومة اى فكرة أو ممارسة طائفية مماثلة .. !!

فكرة تسفاطيون العنصرية؛ ليست فكرة نظرية فى ذهن مريض؛ انما هى فكرة عملية تجرى بساقيها على الارض .. ويستهدف معتنقوها هندسة هوية الشعب الارترى الثقافية؛ فقد أعد لهذا الغرض بعناية قالب ثقافى بمواصفات ثقافة التجرينية؛ ومعسكر ساوا للتدريب العسكرى؛ يمثل قاعدة القالب المعد لهندسة الهوية الثقافية الواحدة؛ فالخطوة الأولى فى المشروع؛ بدأت بخلق مجتمع عسكرتارى متبلد؛ ينقاد على طريقة : إنتبه .. إستعد .. سر الى الامام .. در الى الخلف .. إطلق الرصاص .. وهذه العسكرة المقصودة تلغى الإحساس بالذات .. وتحول الشباب الى كائنات طائعة؛ تنفذ الأوامر بدون سؤال : لماذا الانتباه .. وما الخطر الداهم الذى نستعد لمواجهته .. والى اين المسير .. ولماذا الدوران .. لماذا نطلق الرصاص .. لماذا نقتل الابرياء من زملائنا ؟؟!!! اليس القتل العمد باطلاق الرصاص فى ارتريا شائعا اليوم وبالذات فى ساوا وغدا احد مستمسكات لجنة تقصى الحقائق لإدانة النظام الدكتاتورى الحاكم فى ارتريا !!

دعونا نلقى نظرة فاحصة لمدخلات ومخرجات معسكر ساوا لغسل الادمغة؛ لنرى ماذا نجد ؟؟!!

يدخل الفتية والفتيات معسكر ساوا وكل واحد منهم؛ يحمل هويته الثقافية المميزة من بيئته الثقافية المحلية؛ يعنى يدخل المعسكر يشبه ابويه ثقافيا؛ يتكلم كلامهم؛ ويعتقد بعقيدتهم، ويمارس طقوسه الدينية كممارسة اهل ملته .. وذوقه مثل ذوقهم فى المأكل والمشرب .. وفى المعسكريخضع لعملية غسل الدماغ؛ وهى عملية صهر الادمغة صهرا ثقافيا مكثفا وعنيفا .. أى عملية عسف الذهن .. وفى نهاية الدورة يخرج المتدرب، وقد استنسخ تماما؛ واصبح صورة مشوهة من التجرنية؛ يتأتئ بكلامهم، ويتهجأ قراءة لغتهم، ويكتب بها غصبا عنه وحدها؛ يعنى يفكر بطريقة التجرنياوى؛ وليس على طريقة اهل ثقافته بمن فى ذلك ابويه ..!! هذه العملية الاستنساخية القسرية تطمس شخصية المرء، وتحوله الى دمية اضحوكة هزلية .. وهى مخالفة لكل الشرائع والاعراف والقوانين التى توجب الحفاظ على ثقافات الشعوب ولغاتها، وعلى وجه الخصوص هى عملية مخالفة للدستور الارترى الذى ينص فى مادته (38)  على ان لغة الدولة الرسمية هما : اللغة العربية والتجرينية .. ولجنة الامم المتحدة اعتبرت تجميد النظام دستور 1997 أحد أدلة الثبوت الجنائية ضده .. !!

بجانب عملية الاستنساخ القسرية؛ اتبعت، ومازالت تتبع اجراءا ت تعسفية اخرى على طريق استكمال هندسة الهوية الثقافية؛ كتهجير فئات معينة من الشعب؛ بشكل كيفى من مناطقها الاصلية بتعهدات خطية مسبقة على ان لاتطالب بالعودة الى موطنها التأريخى بعد توطينها فى مناطق اخرى .. وهذه العملية اشبه بعملية التهجير القسرى السيتالينية الى ” سيبيريا ” وتوطين الروس فى المستعمرات المستباحة؛ وكان الهدف ” روسنة ” شعوب الاتحاد السوفيتى السابق . وعملية التهجير والتوطين ذاتها قد خلقت تعقيدات هيكلية هناك وكانت السوس الذى نهش قواعد بناء الدولة السوفيتية؛ وادى الى انهيارها بالكامل ..!! واصحاب مشروع التنميط الثقافى المهندس فى ارتريا لم يأخذوا العبرة من التجربة السيتالينة الفاشلة؛ فشقوا طريقهم بعنف الى ان وصل المشروع الى طريق مسدود وادى الى تصدع بناء الوطن المأمول .. وحتى قومية التجرنية لم تسلم من الضرر؛ إذ لم تعد بذاك الترابط المظهرى؛ فقد أصابها الآن تمزقا اليما فى نسيجها الاجتماعى يتمحورعلى المنازعات الاقليمية والمناطقية .. وتفشى العدوات بين ابناء القومية الواحدة محزن، ويضر بالوحدة الوطنية، ويصيبها بالضعف والتفكك .. !!

المناضل تسفاى تمنوا أعلن فى شهادته الوطنية والإنسانية؛ بأن المسلمون الارتريون قد تعرضوا فى العهود السابقة الى حملة إبادة جماعية؛ ترقى الى جريمة ابادة الجنس البشرى .. وأشار فى شهادته بإصبع الاتهام المباشر الى نظام هيلى سلاسى، وعملائه من الكمندوس؛ واتهم بالاسم قائدين ارتريين ارتكبا جرائم الإبادة الجماعية .. وعدد القرى الاسلامية التى أُحْرقتْ بالكامل وهُجّر سكانها الى السودان عنوة .. وبين كيف عانى المسلمون ظلما فى وطنهم وفى مناطق اللجوء بالسودان .. وافاد فى شهادته انه وقف على اطلال القرى المحروقة اينما حل فى مناطق المسلمين؛ وذكر بالاسم : عايلت، عسوس، قمهوت، قدقد، وشبح .. وسجل فى شهادته علمه؛ أنه كيف كانت تلك القرى والمراكز عامرة : بالتجارة والزراعة والرعى وتعج بالناس قبل حرقها وقتل ساكنيها وتشريد من بقى منهم حيا الى المجهول .. ووعدنا المناضل تسفاى تمنوا – متعه الله بالصحة والعافية وامده بطول العمر –  بنشر وثائق مصورة لحملة حرق شامل لمتاجر المسلمين بعنصرية فى اسمرا .. ونحن ننتظر وعده بنشر الوثائق المصورة ..؟

وبالمناسبة الاستاذ تُمْنُوَا؛ ينتمى الى أهلنا التجرينية؛ وهو من اقليم حماسين؛ وكان مقاتلا فى الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا .. وانا احييه فى وطنيته ونبله الإنسانى .. وشهادته المنصفة تشعرنى بثقة مطلقة بأن وطننا بألف خير طالما بين ظهرانينا امثال المناضل تسفاي تمنوا لا يخشونا لومة لائم فى قول الحق؛ والإنتصار الى العدالة الوطنية والإنسانية ..؟!

الفكرة فتنة طائفية شريرة؛ تستهدف رأس وطننا واجتثاثه من الجذور، ووعينا الوطنى، وارادتنا الوطنية فى المحك : هل نقف صفا وطنيا واحدا نطفئ حرائق الفتنة باكفنا جميعا وندين الفكرة العملية بشدة فى اقل تقدير عملى نرد به على الفتنة العنصرية .. ام نمالئ أصحاب الفكرة والمشروع  السياسي المبنى عليها ونسكت على جريمة حرق وطننا وشقه بحراب الطائفية والعنصرية .. !!

مهمة التصدى للافكار والمشاريع الطائفية تعنينا جميعا على قدم المساواة والسكوت عليها جريمة أخلاقية غير مقبولة .. !!

يقول اهلنا فى حكمتهم الشعبية : ” مَنْ لَدغَهُ ثعبان مرة؛ فَرَّ فَزعاً من حبل .. ”  والامبرطور يوهنس وهيلى سلاسى وأفوقى .. والفتى الصغير تسفاطيون ليسوا جميعا حبالا؛ انهم افاعى طائفية وعنصرية حية يمعنون اللدغ فى لحمنا الوطنى الحي .. فهل نسكت ام نصرخ ونتوجع بالانين من آلام مظالمنا التأريخية، ومن بشاعة مظالم الحاضر المهين .. ذلكم سؤالنا لمن يستكثرون علينا الوجع : آهة من ظلم الابادة .. ؟؟!!

.

.

 

طائفية هوجاء !!! »

artic

محمد  ادم الرجل – تسفاطيون – مصاب بمرض شيفونى قاتل وهوبحاجة الى علاج نفسى عاجل .. مايقوله فى احاديثه خطير جدا…

يونيو 3 2016  / المزيد 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37297

نشرت بواسطة في يونيو 14 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

1 تعليق لـ “طائفية هوجاء (2) ..!!”

  1. شكرا أخي العزيز محمد أدم، على هذا المقال الرائع، قوي في المحتوى و مليئ بالأمثلة و العبر. نعم، عبر مقالك هذا تقرع ناقوس الخطر الداهم، لتنبيه الكل بعدم الإستكانة و الإستهانة من دعوات تحريضية قاتلة ذات بعد طائفي و عنصري خطير … بل يدع صاحب هذه الأفكار التحريضية الى إستئصال كل من يخالفه في العقيدة و في الإنتماء العرقي.
    يجب أن لا نستهين بهذا المعتوه الصغير، لأن المعاتيه الكبار كانوا صغارا في يوم من الأيام، و الأمثلة كثيرة (معتوهنا الذي نكابد بسببه كل هذه الويلات … والمعتوه جورج بوش الذي تعاني المعمورة بأكملها من أثار قراراته المدمرة)، لذلك يجب أن لا نكون دائما مفعول بنا نتقبل الضربات تلوى الضربات … يجب أن نتغير، و أن لا نسمح بأن تهان كرامتنا و تسلب حقوقنا و نحن نتفرج.
    كون الذي يدع إليه خطير جدا و مدان بالقانون، أقترح بأن ترفع دعوة قضائية ضد هذا المعتوه في البلد يقيم فيه، في بريطانية. الدعوة القضائية تتبناها الجالية الإرترية المسلمة أو إخوة غيورين مقيمين في نفس البلد، و نحن المتواجدين في جميع أنحاء العالم نتكفل بتمويل تكاليف الدعوة و هكذا نصبح عمليين و فاعلين يحسب لنا حساب وليس مفعول بهم دائما. أتمنى من كل قلبي أن نستيقظ قبل فوات الأوان و شكرا

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010