من بقى فيك يا كرن بعد رحيل الظّريف (حامد جيواى)

بقلم : عبدالفتّـاح ودّ الخليفة المملكة المتحدة- 20-10-2015

قال الحقّ فى كتابه العزيز “(ولنبلوّنّكم بشيئ من الخوف والجوع ونقصِ من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين، الّذين إذا أصابتهم مصيبةُ قالوا إنّا للّه وإنّا إليه راجعون) صدق الله العظيم  (البقرة الآيات (155-156)

مساء يوم الجمعة المنصرم الموافق 16 من شهر سبتمبر رحل وبهدوء من دنيانا الفانية الظريف (حامد صالح جيواى) رحمه الله.

 

رحل حامد شيواى بعد علة لم تمهله طويلا حيث كان طريح الفراش لمدّة ، كان قد حمل على أثرها إلى  مستشفى (أسمرا) العاصمة من مدينته (كرن) وفى مساء يوم الجمعة الموافق السادس عشر من شهر أكتوبر 2015 إنتقل إلى جوار ربّه ودفن فى اليوم الثانى السبت الموافق 17 من أكتوبر والساعة التاسعة صباحا فى مدينته (كرن ) وفى مقابر المسلمين فى (دعارى ) شمال المدينة.

رحل الظّريف وصاحب النكتة والفكاهة التّى عبّق بها مدينة (كرن ) وكان علما من أعلام المدينة أنيس وولّيف، رحل حامد بعد أن حفظ كل أطفال وصبايا المدينة نكاته الظريفة وتعليقاته التى توحى بروح قصصية ونسج خيالى لا يضاهيه فيه إلا كبار الروائيين والقصصين….

رحل (حامد كما يرحل أىّ غريب فلم يدفنه الأصدقاء ولا أنداد الطفولة والصبا …فأين الأنداد وأين الجيران وأين الأصدقاء فقد رحلوا وتركوا بيوتهم دمنا وعششا للطيور ومخابئ للقطط..

 حامد لم يفارق مدينته إلاّ لماما فهو فى منزله العامر والكائن بين (آل باهو) وآل أفندى وآل إبراهيم إناتى والشيج عبدالمولى نور حسين وآل محجب… ترك مدينته وحيّه إلى السعودية فى نهاية السّتينيات،فلم يحمل البعد عنها وعاد سريعا .. ثم رحل فى بداية السّبعين للعمل مع العم (أبوبكر عثمان ياقوت ) فى الحمرا ولم يكمل شهرا فعاد مهرولا .. وعام 1976 لجأ إلى السودان وعاش مع والدته فى حىّ (أبو خمسة ) التّأريخى ولكنه  عاش فى كلّ بقة قصدها وقلبه على مدينته التى لا يقوى على فراقها ،فى كسلا كان   يأتيه الشباب للأنس وللمشاركة فى مجلسه الظّريف… ولكن بعد ثلاث أعوام عاد إلى حنينه وحبّه وعشقه مدينة (كرن ).. لأنّه لا يستطيع العيش إلاّ بهواءها وبين جبالها ..  عاد لأنه لا يستطيع مفارقة الأذقة والحوارى التى ترك فيها بصماته ولاحقته هى ببصماتها أين ما حلّ فعاد ….  سألته مرة ما وراء هرولتك دائما وأبدا إلى (كرن) من كلّ المنافى  قبل ملأ الأكمام بالدناناير مثل الآخرين … فقال: السعودية سجن كبير …و(الحمرا) أرض (الشفتا) وارض الثعابين فكلما إتجهت إلى ناحية منها تجد (الشفتاوى ) واقفا فى ناصية يطلب حاجياتك وكأنها له وملكه تركها معك (أمانة )  والثعبان مثله ينتصب لك فى ناصية وكأنه يريد أن يحيّيك ولكنه يريد أن يأذيك .. وقال بنكهة حديث فيها ورح الفكاهة : عندما كنّا نزرع بـ (البابورات ) فى مزارع (الحمرا)  كان  الثعبان يقف منتصبا  رافعا رأسه من وسط وحل تاطين الحمراوى ، فندهسه بكفرات (بابور الزّراعة) ثمّ نلتفت خلفنا لنتأكّد من موته نجده منتصبا رافعا رأسه كما الأوّل فقلت حينها إنه (ثعبان) (شفتاوى) عنيد مثل شعبه وأرضه … حقّا إنّه ثعبان حبشىّ وولقـتّاى فتركت له الـ (حمرا) و(بقّى مدر ) كلّها وعدت إلى محبوبتى و (قهوة عبدو لمبا) و(قهوة كلمبو ) لأنسى وشلّتى وأقرانى لأعيش آمنا مطمئنا فى دارى وبين أهلى …

 لحامد كانت شقيقة واحدة هى (رقيّة صالح جيواى) عاشت أكثر من نصف عمرها فى (مملكة آل سعود)  كانت تزوره بين الحين والأخرى .. حتّى توفاها الله قبل سنين قليلة … أمّا والدته (حليمة أبوبكر الحاج مصطفى ) والتى ربّته بمساعدة شقيقها وخاله الأستاذ المخضرم (إدريس أبوبكر الحاج مصطفى)  بعد وفاة والده المرحوم (صالح جيواى) تركته ورحلت فى العام 1990 بعد أن قضى الله أمرا كان مفعولا….

رحم الله حامد الظّريف فقد ترك بصمات على حوارى مدينة وأزّقتها ، ورحل دون أن يدرى أن ما تركه من قصص وفكاهة سوف يظل يتردّد على الألسنة أجيالا وأجيالا …

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35635

نشرت بواسطة في أكتوبر 21 2015 في صفحة المنبر الحر, شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

1 تعليق لـ “من بقى فيك يا كرن بعد رحيل الظّريف (حامد جيواى)”

  1. أعتذر من القراء الكرام… عم خطأ غير مقصود مطبعى … أنّ وفاة المرحوم (حامد صالح ديواى) كانت 16-أكتوبر وليس سبتمبر كما مدون أعلاه … ودفن المرحوم الساعة التاسعة صباح يوم 17-10-2015 فى مدينته كرن فى مقابر (دعارى)

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010