هل أستطيع أن اكون …؟

 بقلم : محمدعلي نور حسين

الوقت يمضي بطيئا جدا وأنا أنوي الرحيل .. لن انظر ورائي يكفيني ما فات من عمري ، كل إنسان يُريد لنفسه الأفضل ولا يريد غيره بديل، لقد حان الوقت أن أكون إنسان أناني ، لا أعتقد أنه من العيب أن أُحِب نفسي ، أن أمنح نفسي بعض الحرية أن أنظُر كيف أشاء لما أريد ، أن أقتني ما كُنت أحلم به ، أن أتذوق الألم من غير أن أخاف ، أُريد أن أسير  في الطريق المجهول .. أن أرى أُناسا لا أعِرفهم ، أُراقب ما يفعلون في السِر والعَلن ، أُريد أُن أبكي كل أيامي الضائعة من اجل الاخرين والخوف ، أقتل من كبلني بأصفاد كلام الناس و نظراتهم ، قف بعيدا عني وتأمل وجهي .. هل تجد فيه بعضا من بقاية حياة ؟ .

أتذكر أنني كُنت أقف دائما تحت ظل حائط بيتنا أنتظر مرور بعض العشاق وأحاول قراءة وجوههم ، اعتقد انهم صادقون حين يكونون بين ضفاف العِشق والغريزة وكاذبون حين ينالون ما يريدون ويبتعدون ! ، اعتقد انني لا احتاج لكتابة هذه الكلامات فليس لها اي معنى بالنسبة لبعض قارئيها ولماذا ستكون بعض كلماتي مهمة وذات معنى لهم ؟ .. هل من الممكن ان يكون بين تفاصيل هذه الكلمات بعضا من ما عاشه اخرون ! .

أنا أبتعد عن المألوف والطبيعي ، أريد أن أبتعد .. حقا أريد هذا و بشدة .. كيف يكون الإنسان مختلفا ؟ هل المثقفون مختلفون ؟ ام الملحدون ؟ ام اكون …؟ ، لا أدري اي الطرق أقرب فأنا دائما ما كُنت أسير في وضح النهار  ولم أجرب اي طريق أخر حتى الأن .. ، تذكرت صديقي الذي إكتشف أن زوجته التي يحبها حبا لا يوصف كما يقول .. تخونه مع حبيبها الأول وعلى فراشه .. أتى يومها وهو يبكي كالطفل الذي حُرم من ثدي أمه ، في الحقيقة  كنت أنوي أن أخرج من المنزل واقصد منزل صديق اخر لأشكو له ما بي من ضيق الدنيا .. ولكن سبقني صديقي هذا وتغير حالي من شاكي الى مستمع .. رفع صديقي رأسه ونظر الى السماء مخاطبا ربه وأنا أستمع .. هل أقتلها وأقتل نفسي ؟ أم أقتل نفسي فقط وأتركها تعيش حياتها مع من احبت ؟ ، لم أكن أصدق ما أسمع .. هل وجد خيارا غير قتلها ؟ هل حقا قال أنه يريد أن يقتل نفسه من أجل أن تعيش هي مع من أحبت ! .. قل لي يا صديقي ما معنى أن تقتلها وتقتل نفسك ؟ – قال- اذا قتلتها وقتلت نفسي سنكون سويا ولن نفترق أبدا .. سألته : هل أنت جاد في ما تقول ؟ – قال : نعم انا جاد  .. ، قلت : حتى إذا كُنتم ستدخلون النار لهذا الفعل ؟ – قال بكل جدية : المهم أن نكون مع بعضنا البعض ،، . هل يجب علينا ان نسأل الفتاة إذا كانت على علاقة مع شخص اخر حتى لا يصيبنا ما أصاب صديقي هذا .. أم أن الفتاة لن تقوم بفضح نفسها وتحكي عن مغامراتها .. عن نفسي لا أعلم عن هذا الأمر غير ما حدث لصديقي ولا أريد أن أعلم أي شيئ .. ، مر  زمن طويل وأنا أحاول أن أكون شيئا ما أو أفعل أمرا ذا أهمية في حياتي .. ولكن من الصعب ان تكون  شيئا أو تفعل أمرا ما وأنت لا تعرف الطريقة الصحيحة لفعله أصلا .. أعتقد أنني يجب أن أقرأ كثيرا حتى يكون في مقدوري ان اكون هذا الشيئ او افعل ذاك الأمر ،، في الحقيقة أنا لا أملك اي وقت للقراءة .. إذا لن أستطيع أن أكون او أفعل أيا من ما أريد .

كنت أجلس منتظرا  في صالة المغادرة بالمطار  ناويا التوجه لحضور ندوة ما لا أتذكر  عنها اي شيئ في الوقت الحالي .. عندما رأيت “المدير المالي” لشركة منافسة لنا في طاولة قريبة مني وهو يدخن بشراهة وينظر لساعته طوال الوقت .. لم أستطع أن أظل جالسا في مكاني من دون أن أعرف ما الذي يفعله هنا وما الذي يجعله متوترا لهذه الدرجة .. اقتربت منه وألقيت عليه التحية .. نظر نحوي ورد التحية بضيق شديد .. لم أنتظر منه أن يدعوني للجلوس ولكنني جلست  .. سألته اذا كان سيسافر لحضور الندوة ولكنه أجاب بالنفي من دون أن ينظر نحوي حتى .. هل أنت ذاهب في اجازة يا صديقي ؟ نظر نحوي وبكل غيظ الدنيا أجابني بأنه ليس في اجازة وأنني يجب أن أهتم بشؤوني .. تركته وأنا أعلم أنه يوجد سر لم أستطع اكتشافه ولكن يوما ما سأعلم فلا يوجد ما يسمى بالسر في هذه البلاد .. غادر هذا المنافس الصالة متوجها للطائرة وهو لا ينوي حتى أن ينظر ليمينه أو يساره حتى .. فكيف بالنظر للخلف وإلقاء تحية الوداع علي .. ، عندما عدت من الندوة وجدت الخبر الذي صدمني وحطمني فقد علمت ان ذاك الموظف المنافس لنا كان يحمل في حقيبته أموال وسندات مالية بأكثر من عشرة ملايين دولار وقد هرب بها خارج البلاد ، زميلي في العمل الذي كان يحكي لي القصة وهو منبهر  بشجاعة هذا الرجل كان ينظر الى الشارة التعريفية على صدري فنظرت إليها وأنا مستغرب نظراته فوجدت مكتوبا عليها “المدير المالي ” .. ، تبا لقد نسيت انني احمل هذه الصفة ، هل استطيع ان افعل مثله في يوم من الايام ؟ ام انني انسان جبان ولن استطيع فعل هذا الأمر ابدا .. لماذا لا أستطيع أن  أفعل هذا الأمر هل لأنه حرام أم لانني جبان ..  في أوقات كثيرة أحلم بأنني أعيش في إحدى الجزر الكاريبية وأنني املك اموالا كثيرة وأعيش مثل الملوك وبصحبتي اجمل النساء ولكن دائما ما يأتي ذاك الصوت الذي يعيدني لأرض الواقع ولا تسئلني اي صوتا هذا ؟ .

 

Wedi_ali_jbr@yahoo.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36177

نشرت بواسطة في ديسمبر 23 2015 في صفحة المنبر الحر, برهان. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010