وقفات صريحة مع إنتفاضة الضياء

بقلم: أحمد حامد

1- لقد كانت وقفة الحاج موسى محمد نور وزملاؤه وما تلاها من مظاهرات في أسمرة، وقفة شجاعة أفزعت النظام الذي ظن أنه بأساليبه

القمعية قد قتل روح المقاومة في الأرتريين، وأخمد  صوت كل حر فيهم. وهي وقفة أعادت للناس الأمل في قيام هبة داخلية تدك معاقل النظام القمعي وتفتح لأرتريا آفاقا جديدة.

2- تفاعل الأرتريين في الخارج كان تفاعلا كبيرا، حيث خرجت مظاهرات في مدن كثيرة، مثل لندن، أستوكهولم، ملبورن، تورونتوا، واشنطن، لوس أنجلس، والقاهرة وغيرها. وبعض هذا المدن لم تتم فيها مثل هذه المظااهرات من قبل وهي الأولى من نوعها.

3- اللافتات التي حملها المتظاهرون في الخارج، والشعارات التي كانوا يرددونها كانت مؤشرا للتلاحم الوطني، وإلإدراك العميق لطبيعة الصراع في أرتريا. لم تكن المظاهرات إسلامية بحتة، بل كانت مظاهرات وطنية شارك فيها المسلمون والمسيحيون، ورفعوا فيها صور الحاج موسى وبطريارك الأرثوذكس المسجون منذ سنوات.

4- المتظاهرون لم يقدموا المسألة على أنها قضية مدرسة صودرت، وإنما قضية حقوق إنسانية مهدرة، وكرامة شعب منتهكة، وقضية تسلط وظلم، وهذا موقف يحمد لمن نظم هذه المظاهرات.

5- المظاهرات كانت تعبيرا شعبيا عن رفض الظلم والإستعباد، ولم تكن تحت مظلة حزب من أحزاب المعارضة التي لا تزال منهمكة في صراعاتها القديمة وإنقساماتها التي لا تنتهي.

6- ورغم كل هذه الإيجابيات البارزة، كانت هناك شوائب صاحبت هذه الإنتفاضة ومنها:

التضخيم والمبالغة: ظهرت مزاعم أطلقها البعض تضخم حجم مظاهرة أسمرة، وهي كما ذكر موقع “زاجل” كانت محدودة، ولم تجد تفاعلا كبيرا من جمهور أسمرة، ناهيك عن غيرها من المدن. إنتشرت أخبار عن عشرات القتلى والجرحى في مظاهرة أسمرة، ورغم أن النظام لن يتأخر في القيام بأي مجزرة، إلا أنه لا يوجد دليل يثبت حدوث قتلى وجرحى بهذا العدد. وظهرت أيضا مزاعم بفرار إسياس بطائرة الهيلكوبتر خوفا من المتظاهرين، ومزاعم بفرار القائم على دار الإفتاء من المتظاهرين وإلتجاءه بسفارة السودان. ومزاعم أخرى كثيرة ليس عليها برهان، وهي أخبار تشوش على جوهر القضية، وتقلل من مصداقية الإنتفاضة.

التزوير والإختلاق: نقلت على صفحات التواصل الإجتماعي صور مزورة لمظاهرات مزعومة تمت في مدن أرترية أخرى، يظهر فيها أطفال يرمون الحجارة على الشرطة، وصور لجثث مشوهة بزعم أنها صور القتلى في شوارع أسمرة. ولا يستبعد أن يكون النظام وأبواقه وراء هذه الإختلاقات بهدف الإرباك وزعزعة ثقة العقلاء.

الغمز واللمز: تناقلت البيانات والمواقع أنباء غير مؤكدة فيها لمز وغمز بدار الإفتاء والقائمين عليها، وإطلاق الأوصاف الغير لائقة بهم، وإشعار القارئ بأن دار الإفتاء متواطئة مع النظام، وهي وراء ما يحدث من إعتقالات للدعاة أو لإغلاق للمدارس الإسلامية، متناسين أن دار الإفتاء شأنها شأن كل المؤسسات في أرتريا محاصرة مكممة، لا تملك من شأنها شيئا، ولا تقدم ولا تؤخر شيئا وهي أخر ماتبقي من المعاقل الإسلامية.  وإسياس في بطشه وعدوانه لا يحتاج إلى مبرر شرعي ولا قانوني، فقانونه وشرعه هواه المريض وحده. وهذه الإتهامات التي لابرهان لها تصرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي لكل مآسي أرتريا –إسياس وجنرالاته-، وتثير فتنا لا تخدم قضية المسلمين بحال، وتتهم علماء أفاضل دون تثبت وتيقن وهم يبذلون جهدهم ويقربون ويسددون في المساحة الضيقة والخطيرة المتاحة لهم.

7- ومع الأسف فإن بعض خطباء الجمعة في الخارج كرر بعض هذه المزاعم دون تثبت، وزعم بعضهم أنها حملة صليبية يتم فيها إغلاق المدارس الإسلامية وتفتح فيه الأبواب للمدارس التبشيرية. إن صليبية وإستبداد إسياس عليه دلائل وبراهين واضحة وضوح الشمس، ولكن القول بأنه يغلق المدارس الإسلامية ويفتح المدارس التبشيرية كلام غير صحيح، فقد قام النظام بمصادرة مدارس كنسية وتبشيرية كثيرة، تماما كما فعل بالمدارس الإسلامية ومؤسساتها.

الخلاصة:

أن إنتفاضة الضياء، رغم محدودية تفاعل الناس معها في الداخل، إلا أنها وقفة تاريخية ستكون لها أثار بعيدة المدى. ومن المهم الأن تأطير هذا المظاهرات وهذا التفاعل الجماهيري في الخارج ليستمر في كشف وتعرية نظام إسياس، وليكن ذلك عن فهم وذكاء. إن دمغ إسياس لا يحتاج إلى تزوير وإختلاق أخبار، فجرائمه واضحة للعيان، وهذه الإنتفاضة غنية عن كل هذه المزايدات، فبالمصداقية ونقل الحقيقة كما هي، والتركيز على الفاعل الحقيقي، يتحقق النصر وتحقق الغايات.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42420

نشرت بواسطة في نوفمبر 13 2017 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

1 تعليق لـ “وقفات صريحة مع إنتفاضة الضياء”

  1. عبدالله

    الاخ حامد أحمد تحياتي لك

    من الطبيعي أن تتداول الناس أخبار غير حقيقية في أي بقع من العالم عندما يكون العدو يمنع جميع القنوات التي تنقل الأخبار الصحيحة والحقيقية

    ليس المهم حجم وعدد المتظاهرين الذين شاركوا في مظاهرة أسمرا ولكن المهم هو والذي يقال عنه حدث جلل وخبر غير عادي وخبر عاجل جدا هو الوقوف بعد 26 سنة في وجهة إسياس ونظامه واسماعه كلمة لا لا لا لا ومليون لا — هذا هو الحدث المهم جدا جدا جدا وهو يساوي مظاهرة مليونية والذي أكدها بالدليل القاطع وفيديوهات منقولة بالصوت والصورة حشود الارتريين في جميع أنحاء العالم — العدد القليل الذي رأيناه في الفيديوهات القليلة التي تسربت من داخل إسمرا تعتبر مليونية والشاهد على ذلك مظاهرات الخارج — وحتى الاطفال الذين كانوا يرشقون العسكر في عصب يعتبرون ملايين من أطفال إرتريا

    فلا تستهين يا حبيبي بما حدث في أسمرا وغيرها من المدن الارترية والعالمية — أما سالم المفتي بالوكالة ما دام لا يحمي الفتيات الارتريات المسلمات فماذا يفعل مع إسياس؟ وجوده لا يخدم مسلمي إرتريا إذن من يخدم؟ يخدم إسياس فقط وعليه هو في خانة المتهم بالتآمر على المسلمين في إرتريا — الاسلام هو دين قول الحق في وجهة سلطان ظالم — من لم يستطع قول الحقيقة في وجهة عدو ظالم فليس أهلا لتمثيل الاسلام والمسلمين (نقطة كبيرة)

    ما أحدثته إنتفاضة اسمرا كان ينتظره الشعب الارتري بفارق الصبر منذ اربعينيات القرن الماضي — لقد اجمع الشعب الارتري للتعايش واحترام والقبول بمطالب وخصوصيات المكونات — وهذا يمكن التعبير عنه بالمقولة التي الذي قالها التونسي في بداية الربيع العربي:

    “هرمنا من أجل هذه اللحظة التأريخية”

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010