العمل الإنساني فى أرتريا…!!

(1)
يُعتبر العمل الإنسانى الخيرى أحد أهم الدعامات الإقتصادية التى تقوم عليها المُجتمعات والدول، فهو يُساهم فى تنمية المُجتمعات وتخفيف مُعاناة شريحة الفقراء هذا إذا تم تقنينه وتنظيمه وترتيبه وإدارته بعِناية ، فتُنجز به المشاريع التنموية الصغيرة التى يُمكن أن تُوفر فُرص عملٍ للفقراء لتُخِفف به وطأة الفقر والعِوز والفَاقَةُ ، ويُساعد العمل الإنسانى على تضييق الفوارق الإجتماعية بين الناس وإزالة التباغضْ بينهم ، ومن هنا تنبع أهمية العمل الإنسانى كقِطاع مُساند للحكومات فى سد الإحتياجات .

(2)
إن سعادة الإنسان تكمُن فى مساعدته للناس وتقديم العَون للمُحتاجين وأن للنفس البشرية ميلُ فطري للعطاء، فالمُجتمعات المُتقدمة والدول تستغِل ذلك لنشر قيم العدالة الإجتماعية وترسيخ مفاهيم التكافل بين الناس فأسست لها الجمعيات وأقامت لها الوزارات والمؤسسات المُتخصصة والتى من صميم مهامها تنظيم عمل المُنظمات الإنسانية العاملة فى هذا المجال وتوجيه الأموال فى مصارفها الصحيحة بعد جمعها بالطُرق المشروعة .
 (3)
فى أرتريا عزيزى القارىء أنت أمام وضعٍ غريب مُجتمع تفتك به الأمراض من كل نوع ، وتٌثْقل عليه الدولة فى كل شأن ، وحالة إقتصادية وفقرٍ مُدْقِع لامثيل له فى المنطقة ، وبعد كل هذا يُحاربُ نظام الحُكم العمل الإنسانى ويمنع المنظمات الإنسانية والهيئات الخيرية من مساعدة الناس تحت ذرائع وَاهِيَة، أويضع لها شروطاً تعجيزية لاتجدها فى أى بلد، فكثير من المنظمات جَاءتْ لأرتريا لتقديم خدمات تنموية وإنسانية لكنها صُدمت من طريقة وأسلوب الحكومة معها أولها المُطالبة بتقديم ميزانية مشروعاتها للدولة لتُنفذها الحكومة كيف تشاء ومتى تشاء وفيما تشاء وهو ماترفضه المُنظمات لعدم ثقتها فى مُنظومة الحُكم فضلاً عن مخالفة ذلك لصميم عملها وهو الإشراف على مشروعاتها هذا غير إتهام تلك المنظمات بتَّبَعِيَّتها لجهات معلوماتية .
 (4)
أرتريا بلدُ بلا وجيع وشعبها مُبتلى بنظام لايحمل ذرة من الإنسانية تناولنا للمِحور الإنسانى فى دولة يسودها القمع فى كل أركانها ، وتُسلب فيها كل الحقوق يأتى فى صياغ تمليك الحقائق للمُتابع فى كل جوانب الحياة فى بلادنا لتكتمل لديه دائرة التَّصَوُّر عن هذا النظام ووضع المواطنين بالداخل فى ظل النظام! فلعَلَ ذلك ينعكس عَطفاً على مواطنِينا بدول الجوار فى اليمن والسودان وأثيوبيا الذين يفْتَرِشون الأرض ويلْتَحِفون السماء وبُطونهم خَاوية ! فهى إذاً رسالة لأصحاب الضمير الإنسانى أفراداً ومُنظمات لتخفيف مُعاناة المواطن الإرترى بالدعم أو بالتضامن أو بالدعاء .
(5)
فى الضفة الأخرى بجبهة المعارضة  فالعمل الإنسانى رغم وجوده وإسهامه إلا أنه تكتنفه الكثير من السلبيات التى لابد من إزالتها وإعادة صياغتها بالجُملة  فأولى تلك السلبيات على سبيل المِثال:
@ هو إستغلال العمل الإنسانى لنشر المدارس الفكرية فى وسط الفقراء والمُحتاجين وهو إستغلال مرفوض للمُحْتَاجٌين.
@ عدم وجود الشفافية والنزاهة فى العمل الخيرى فهناك مبالغ ضخمة يتم جمعها أحياناً بإسم الشعب الأرترى لمْ تُعرف كيف صُرفت وفيماذا صُرفت.
@ مُعظم المنظمات الخيرية هى واجهة لتنظيمات سياسية فكرية تستهدف الشرائح وفق منظور الكسب الفكرى ومنهج الإستقطاب.
@ تقديم المساعدات بطريقة مُهينة وغير حضارية فى معسكرات اللجوء (تصوير المُحتاجين بطريقة مُذِلّة ).
@ تقديم المساعدات أو المنح الدراسية الجامعية على أساس العرق أو الإنتماء الفكرى أوالسياسى.
@ بناء مراكز فى دول الغرب بمبالغ ضخمة لانختلف فى فوائد تلك المراكز وأهميتها ورسالتها ولكن ذلك لايستقيم وحالة شعبنا ينام أفراده زرافاتا ووحدانا فى أرصفة المُدن بدول الجُوار وآخرين فى معسكرات اللجوء يتدورون جوعا ولا يجدون ما يسدون به رمقهم وآخرين مرضى يموتون واقفين.
كل ذلك أدى لإنعدام الثقة فى المنظمات وتسبب فى إحجام الكثيرين فى التجاوب والتعاطى مع النداءات الإنسانية وأَفْقَدَ ذلك العمل الإنسانى قيمته الجوهرية وزرَعَ  حالة من الشَكَّ.
 (6)
إن إتساع دائرة البؤس وحالات اللجوء الناتجة من عدم إستقرار الدول سياسياً فى المنطقة زاد من أهمية هذا القطاع لهذا  فقد آن الأوان على الناشطين والمهتمين بالحقل الإنسانى والقوى الوطنية على وجه الخصوص إعادة ترتيب وصياغة العمل الإنسانى من جديد  بالشروع فى تكوين مؤسسات خيرية مُستقلة بعيدة عن التوجهات الفكرية والأُطُر التنظيمية لتضمن وَلاَء الجماهير لها والذى سينعكس قطعاً فى الدعم المادى والعيني للمبادرات، ويكون العمل الإنسانى جِسراً لتلاقى أبناء الوطن إسهاماً وتأزراً فى حقلٍ يمكن أن يكون مَحَل توافق، كل ماسبق ذكره يجعلنا أن نسعى ونجتهد لوضع هوية جديدة للعمل الإنسانى ينطلق بخطوات ثابتة وواثقة لتقديم خدماته للمحتاجين بغض النظر عن إنتماءاتهم او أعراقهم أوقناعاتهم الفكرية أومواقفهم السياسية فهل إلى ذلك من سبيل نتمنى ذلك وليس هذا على شعبنا بكثير..
 
بقلم: محمد رمضان
كاتب أرترى

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38223

نشرت بواسطة في ديسمبر 1 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010