” نحنان انجيرانان “

 عبد الرحيم الشاعر.

 

فانك كالليل الذي هو مدركي   وان خلت ان المنتأى عنك واسع

                                                   النابغة الذبياني

قال “اعفني من حضور الاجتماع لأني ناوي السفر” . اكثر من موضوع  تناول قضية العودة في هذا الباب منهم الاخ حاج عكات، فما هي الاسباب :في نظري  سنوات من البطش والمطاردة من قبل زبانية النظام وكلابه تركت أثارها النفسية وقروحها البدنية في نفوس واجساد الكثيرين من الارتريين، ومما لاشك فيه ان هؤلاء الكلاب وجودهم ليس محصورا في الداخل فقط بل في الخارج ايضا وخاصة في اماكن  تواجد تجمع الارتريين ففي كل مرة يأتي فيها ارتري لقضاء حاجة في القنصلية أو السفارة ” وكالات جمع الاتاوة والقرصنة” ، تجدهم يكشرون عن انيابهم وتظهر وجوههم القبيحة على حقيقتها ، فيخرجون قائمتهم السوداء : فيذكرونك بأنك كنت معزوما  في حفل عشاء مع فلان المعارض ، وتناولت القهوة مع علان الذي يكره القمبار، وان أم زوجتك لها علاقة اسرية من جهة الأب مع “فنتلان” الذي يشتم السلطان في كل مناسبة بما فيها ” السمايات” والاعياد الرسمية والغير رسمية ويدعوه بابن العاهرة!. هذه حقيقة غير ان هنالك حقيقة أخرى وهي اننا جعلنا من هؤلاء الخفافيش والاقزام بعبعا نخشاه واعطيناهم حجما لا يستحقونه، فهم مجموعة من الجهلة وانصاف المتعلميين وضعاف النفوس الذين بامكانهم بيع امهاتهم لو أمكنهم  فلا وازع ديني أو أخلاقي يمنعهم، وحتى الفواصل بين انتمائهم السياسي والطائفي والقبلي الاقليمي هلامي وضعيف ، والمحصلة حقد أعمى .

كما ان هنالك شلة همها أن تبعث في الناس حالة من الرعب فما أن تنطق بكلمة ضد نظام السلطان حتى وصاح فيك أحدهم ” أوع المكان مليان آذان ” ، والحقيقة أن لا آذان ولا اقامة ولا يحزنون، وهؤلاء هذا اسلوبهم في الحياة العادية لا يسرهم شئ مستقر همهم التشكيك في كل شئ لا يحبون الخير لأنفسهم أو غيرهم ، اذا رأى أحدهم ان الفرحة تعلوا اساريرك فيحاول ان يقنعك بأن الفرحة الزائدة “يا حرام يا انك مصاب بعاهة أو هلوسة”. واذا رأى انك اشتريت شيئا جميلا وحلوا من البقالة تجده يسألك هل تفحصت تاريخ انتهاء الصلاحية ” ممكن تكون مسمومة” ولورميتها على قارعة الطريق لألتقطها،  فهل نعطي نزلاء العنبر 13 الحق في ان يشككوا في مقدرتنا لاستيعاب ان النظام في ارتريا ديكتاتوري وقمعي وطائفي؟.

حالة ثالثة تتمثل في حالة اللامبالة واليأس والقنوط الذي اصيبت به قطاعات واسعة من الجماهير فهم في انتظار ملك الموت لتخليصهم من اسياس وزبانيتة واسياس يفكر في ان ينسخ نفسه مادام التكلنوجيا متوفرة ومازلنا ندفع 2% ونذهب الى ارتريا كل عام بحجة المزرعة والبيت والتجارة وشوقنا للأهل وشوقنا “للوانجا” ، ونصرف بضعة من الدولارات بكنتال من النقفة المطبوعة في ” جرحي” أو ” سنتاتا أو تو” . هذه الحالة من اليأس دفعت بالكثيريين الى تحييد أنفسهم ويرفضون الواقع المعاش ويهربون الى دنيا أخرى ، دنيا اللامبالاة والمحاولة لخلق واقع مختلف عن ماهو معاش ومحسوس وحقيقي واذا سألت أحدهم لماذا يا أخي رد عليك قائلا ” والله نحنا اعتزلنا السياسة، اليومين دول نحاول نربي اطفالنا” وآخر سيقول ” عاملين ستين ألف تنظيم ماقادرين يتوحدوا ديل ما يعملو حاجة” ، من هم ؟؟ .  اعتزال ..! رغم ان هنالك ليس تشابه بين ممارسة كرة القدم وممارسة السياسة – الا اننا غير سياسيين ولكننا شعب أو أكبر قطاع فيهه هضمت حقوقه ووجد نفسه في خندق المواجهة ضد النظام،  فلايمكن ان يكون لناخيار آخر سوى خيار المقاومة والصمود ” فبلاش السنة دي ” فسافر في سنوات غير سنوات القحط والجفاف.

عامل آخر يضاف الى العوامل المذكورة الرعب من قضية الموت وحدوث المكروه، هل تعتقد لو أن الشهداء لو عادوا لكان لهم رأيا آخر؟ وهل الموت راحة ؟ وهل يدركنا أين ما كنا؟ اذن فقضية الخوف من الموت – المفروض –  تكون غير واردة تماما فوالله لو قتلونا ما قتلو  سوى الاجساد فينا وهل نحن أول القتلى أم آخرهم ؟ فمازلنا نحمل قبورنا على الحقائب ووصايانا في الجيوب.. لايهم أين نكن في ارتريا السعودية .. امريكا .. استراليا..السودان ، فالموت يتربص بالجميع  وفي كل مكان.. فيمكن أن تدهسنا عربة مسرعة في الشارع و ان ينفذ بيوتنا أحد المدمنيين في بحثه عن جرام هرويين، يمكن أن نموت على الحدود عند تقاطع أى طريق أو نقطة تفتيش .. ريبا ..سوبا .. بلوك حشلا أو دونقلو، يمكن أن نموت من الملاريا أو اليرقان البلهارسيا ..أو “عين الناس”.

وما الذي يمكن أن تراه بذهابك الى ارتريا سوى الاجساد التي انهكها التعب ، واجساد الشباب التي تركت الحرب بها أثارها الكريهة  الواضحة ، لمن تمد يد المساعدة لأسرتك لعمتك لأبناء الشهيد لأبناء أختك ..خالتك ..لمن؟ هل تملك الاستعداد لابراز بطاقتك الشخصية عند ركن كل مقهى أو ” منافشا” أم سعر الرزيلة الرخيص سينسيك الوجه الآخر للحقيقة؟

أم آن الآوان لأن يكون لنا ” علاما ” بدلا من ” انجيرا” ؟؟

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7988

نشرت بواسطة في سبتمبر 13 2005 في صفحة مرفأ الذاكرة. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010