إلى جنة الخلد يا مربي الأجيال ، أستاذنا الأستاذ محمد سعيد عبد القادر بشير!

 

بقلم : حامد الحسن

رحل في خلال اليومين الماضيين عن دنيانا الفانية أستاذنا الفاضل ، ومربينا المخلص ، الأستاذ محمد سعيد ، بعد صراع مع مرض أقعده ، وجعله رهين البيت ، وحرم تلامذته ومحبيه من لقياه. أستاذنا الفاضل من مواليد مدينة حرقيقوا العريقة ، ومن خريجي مدرستها الأثيرة. زميل دراسة ، ورفيق درب ، للزعيم الوطني الراحل عثمان صالح سبى ، وغيرهم من الأماجد والأكابر. ينتمي إلى أسرة البشير ، أحدى الأسر المعروفة والمشهورة في حرقيقوا ومصوع. صاهر الزعيم الوطني البارز الحاج سليمان أحمد عمر (من كبار مؤسسي حزب الرابطة وشقيق مفتي أرتريا السابق الشيخ إبراهيم المختار) ، ورزق من إبنة الحاج سليمان العديد من الأبناء والبنات.

درس أستاذنا المراحل الأولية في حرقيقوا ، ثم أكمل تعليمه في أديس أبابا ، وتخرج من جامعة أسمرة. جمع بين الثقافة العربية الإسلامية ، والثقافة الإنجليزية والغربية. أمضى حياته في سلك التعليم مدرسا ، ومفتشا ، ومديرا ، ومستشارا ؛ حتى أصبح لقب الأستاذ معلما له. كان من وجهاء وعقلاء مدينة أسمرة ، وكان يمد المدارس الإسلامية والعربية – التي كانت تواجه التضييق من حكومة أثيوبيا – النصح والتوجيه المستمر.

إستقر في السعودية بعد أن غادر أرتريا في أواخر السبعينيات ، وفي السعودية كان له دور بارز في تأسيس مدرسة الجالية الأرترية بجدة والنهوض بها. ظل مديرا لتلك المدرسة منذ تأسيسها إلي وقت قريب قبل مرضه. حاول الأستاذ – كمدير للمدرسة – أن يحافط على توازن منهج المدرسة ، وكان يواجه ضغوطا متواصلة من أطراف متعددة لأن ينحو بالمدرسة مناحي أحادية ، ولكنها كان يقاوم في صمت وعزم. كل من جالسه كان يلحظ فيه شدة حرصه علي طلبته ، وحنوه عليهم ، وإنشغاله الدائم بأمورهم. كان قلبه يتقطع حزنا وألما لمصير كثير من طلبته الذين تخرجوا من مدرسة الجالية ، ولم يجدوا وسيلة لإكمال دراستهم الجامعية ، رغم تفوقهم وتميزهم. وكان يؤلمه أكثر عدم إستطاعته تقديم يد العون لهم لظروف كانت خارج مقدوره ، رغم أنه لم يتواني عن محادثة المسؤوليين نيابة عنهم.

كان الأستاذ إداريا ممتازا ، متقنا لعمله ، صادقا نزيها في تعاملاته ، خلوقا محترما ، دينا أمينا ، موضع تقدير وإحترام من القريب والبعيد. وفي جدة كان من وجهاء المجتمع الأرتري فيها ومن عقلائها.

رحل الأستاذ ورحل معه مخزون تاريخي ثر ؛ فهو من المثقفين الأوائل في أرتريا ، وممن عاصروا وعايشوا جيلا من كبار رجالات أرتريا ، وشاهد على حقب تاريخية مهمة. إقترح عليه بعض محبيه أن يؤلف كتابا عن مسيرة التعليم في أرتريا. ورغم قبوله للفكرة فإن الظروف لم تسمح له بذلك. ولو تسنى له فلا شك أنه – بحكم خبرته – كان خير من يقوم بهذه المهمة نظرا لموقعه البارز في وزارة المعارف في أرتريا ، ولدوره الإستشاري للمدارس العربية والإسلامية في أرتريا.

رحم الله الأستاذ محمد سعيد ، وأسكنه الله فسيح جناته ، وجزاه الله خيرا على كل ما قادم وبذل ، وله الذكر العاطر من كل طلبته ومحبيه ، وإنا لله و إنا إليه راجعون.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16893

نشرت بواسطة في أغسطس 17 2011 في صفحة المنبر الحر, تربية وتعليم. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010